أولاً: سيدنا موسى عليه السلام عندما بعث إلى قومه وإلى فرعون جادله أولاً بالحجج الواضحة بأن الله واحد وهو الذي خلق السماوات والأرض… وأن فرعون شأنه كشأن الفراعنة من قبله عبيد و يموتون … ولم يخلق أحد منهم في هذا الكون شيئاً حتى يدعى أنه إله أو شريك للإله …
وعندما طلب فرعون معجزة من موسى فإن الله سبحانه قد زوده بمعجزة حقيقية بحيث تتحول العصا إلى حية حقيقية …
أما هم فقد مهروا بالسحر الكاذب لا بالمعجزة الصادقة بحيث يوهمون على عيون الناس بينما العصا تبقى عصا ] فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى[.
ولشدة مهارتهم بهذا العمل الشيطاني فإن موسى قد أرهبه u كثرة ما رأى((فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى % قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى %والق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى[( 67طه)
لا تخف يا موسى فإن ما جاءوا به هو السحر وأنت معك معجزة … الحبال والعصي كثيرة قد عمل فيها السحر ولكن الغلبة للحق على قلته، و بما أن العصا قد تحولت حقيقة إلى حية، فإنها ستلتهم جميع الحبال التي تظهر بالسحر على أنها حيات …
وهنا تشاور السحرة مع الساحر الأكبر- وكان أعمى- فقال لهم: أن عادت حية موسى إلى كونها عصا غليظة فاعلموا أنه ساحر وسحره أكبر من سحرنا… وإن عادت عصاه إلى وضعها الطبيعي فاعلموا أنه نبي من عند الله تعالى … ذلك لأنها هضمت كل ما ألقي فيها من طعام وهذه هي صفة الحية الطبيعية لا السحر… وهنا] وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ%قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون [ (120 الأعراف) فكانوا في أول النهار سحرة فصاروا في آخر النهار شهداء…
كانوا يحلفون بعزة فرعون الفانية …فأصبحوا يحلفون بالله العلي الأعلى … كانوا يطمعون بجائزة فرعون …فأمسوا ينظرون إلى مقاعدهم في الجنة.
ملاحظة هامة: إنهم كانوا يكذبون على أنفسهم وعلى فرعون باعتباره أنه ظلم لأنفسهم وأنه شر لابد منه … ولكن الآن أصبح كذبهم أو صدقهم يرتبط بمصير أمتهم فلم يستطيعوا أن يداهنوا أو يماروا …
هذا ما يجب أن يُنتبه إليه في التفريق بين مصلحة الأمة وبين ظلم الإنسان لنفسه …فحينما لا يستطيع المهتدون أن يأتوا بمعجزة، فلابد أن ينحازوا جانباً عن تأييد الكفر والظلم والطغيان…
ثانيا: كما أمر إبراهيم عليه السلام بالنداء لكل العالم بأن يأتوا إلى الكعبة فيحجوا وتعجب إبراهيم كيف يبلغ صوته كل هؤلاء الناس في شتى بقاع العالم … ولكن الآذان كان من إبراهيم …وعلى الله البلاغ ]وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ[27الحج. ويتزايد الإعجاز يوماً بعد يوم فهاهم من أوروبا وأمريكا والصين يأتون … تاركين ناطحات السحاب وراءهم ظهرياً.