الرئيسية / المكتبة / حقائق ايمانية / حق الدعاء / شروط الإجابة في الدعاء

شروط الإجابة في الدعاء

شروط الإجابة:

أولاً: الاعتقاد الجازم الواضح بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت القادر القاهر؛ فالكون من الذرة إلى المجرة، ومن النملة إلى جبرائيل، ومن الفرش إلى العرش كلهم عبيده ناصيتهم بيده –سبحانه-خلقهم ورزقهم، وأمرهم في كل لحظة بيده-سبحانه وتعالى-، وأنه يوم القيامة محاسبهم … وقادر على أيجاد هم من العدم وإعدامهم بعد الوجود وإعادتهم يوم القيامة وبعثهم …

ثانيا: ومن شروط ذلك أن تعتقد بأنك عبد لله ولست مقايضا ولا نداً لله تعالى … فإذا قلت يا رب ارزقني حتى أصلي لك … وأعطني حتى أصوم  … ومتعني حتى أحج فأنت هنا بياع ومقايض وند ولست عبداً لله تعالى …

فأنت يجب عليك الالتزام بأوامر الدين كلها من انتهاء عن المحرمات وأداء للحقوق والواجبات سواء أعطاك أم حرمك مولاك …

ثالثاً: الاستجابة لأوامر الله تعالى )وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ( (البقرة:186)؛ فالاستجابة لله تعالى هي شرط للإجابة من الله تعالى. والقيام بما يفرضه الله عليك. فإذا حان وقت الصلاة فإني آتي بالصلاة بكل خشوع وخضوع … وكأني أقف يوم القيامة، أمام الله عز وجل، مكبراً في كل رفع وخفض، ومعظماً لشأن الله تعالى في كل حين.

 فقد كان بعض الصحابة (t) حين يتوضأ للصلاة يرتعد ويصفر لونه فيقال له: لماذا يحصل معك هذا؟! فيقول: ألا تدرون بين يدي من أريد أن أقف …

 نعم: إنه يريد من الوضوء أن يقف للصلاة بين يدي الله سبحانه وتعالى مالك الملك … قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولذلك فإن النبي (r) كان إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة … وقد كانت بالصلاة ذات الخشوع والخضوع والتذلل تقضي حوائجهم.

 وبعد أداء الركن العملي الأول (الصلاة) فإنني أقوم بالبحث عن بقية أركان الدين وفرائضه وواجباته وسننه، وأرتبها حسب أهميتها؛ فلا أقدم سنة على فرض، ولا عبادة خاصة على عباده عامة. ولن احصل على معرفة كل الأوامر والنواهي إلا بالعلم ولذلك كانت كلمة ((اقرأ)) هي أول كلمة نزلت على سيدنا محمد e.

رابعا:الابتعاد عما نهى الله عز وجل … وانظر معي إلى أبي بكر في الغار يخاف لأنهما اثنان فقط، بينما الرسولr مطمئن لأن الله معهما لأنهما طائعان … بينما في بدر أبو بكرt مطمئن لأن المسلمين كثيرون ولكن الرسول (r) خائف من أن يكون واحد من ثلاثمائة وثلاثة عشر عاصِيا. فتحصل الكارثة … أو ليس هذا ما حصل في أُحد حينما اجتهد بعض الأصحاب فأخطأ… وفي بداية حنين حينما قال البعض لن نهزم اليوم من قلة … أو لم يقل تعالى: ]إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا [ (آل عمران:155).

خامسا: ومن أهم الشروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر([1]) ذلك لأن النبي (r) أمر بلالاً بأن يؤذن بالناس ولم يكن ذلك الوقت وقت صلاة فبادر الناس إلى الحضور إلى المسجد … وهم يحسبون أن عدو أغار على المدينة أو بأن هناك معركة مهمة قادمة وإذا بالنبي ( يصعد على المنبر ويتكلم بهذه الكلمات المعدودة؛ ولكنها من الأهمية بمكان لا يعلمه إلا من يفهم الأمور فقال (r)

 عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فعرفت في وجهه أن قد حضره شيء فتوضأ وما كلم أحدا ثم خرج فلصقت بالحجرة أسمع ما يقول فقعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال (( يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى يقول لكم مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أجيبكم وتسألوني فلا أعطيكم وتستنصروني فلا أنصركم )) فما زاد عليهن حتى نزل.( صحيح ابن حبان ج: 1 ص: 526).إنه أمر مهم للغاية ذلك أن الغاية من وجود الإنسان على هذه الأرض أن يكون آمراً بالمعروف ناهيا عن المنكر وإلا فلا يعتب على مولاه أن لم يجب دعاءه …

وكذلك فإن النبي ( يوضح في حديث سلمان المشهور الطويل عن علامات الساعة حيث أخبر بقوله (( ولا يرون إلا ذماً ولا ينصرهم الله تعالى قال سلمان بأبي أنت وأمي يا رسول الله كيف لا ينصرهم الله وهم يؤمئذ مسلمون، قال: يا سلمان أن نصرة الله هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر …

أرأيتم كيف فسر النبي (r) قول ربنا تبارك وتعالى] أن تنصروا الله ينصركم[ بأن نصر الله إنما يكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقط.

سادسا:التقوى:فالمتقون مثلاً هم الذين يعرضون كل تصرفاتهم بل وكل خواطرهم على الشرع الشريف فيتصرفوا حسب ما يرضى الله عز وجل …فمن أعطى لله ومنع لله، وأحب لله، وأبغض لله فقد استكمل الإيمان.

وهذا لا يعني عصمتهم عن الخطأ ]إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ[ (الأعراف:201)، فإذا كانت هذه حالهم كان الله معهم]إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون[  ( 128 النمل).

والمحسن كما عرفه حديث جبريل (( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك )) فإذا كان الله معك، كان دعائك مستجاباً حسب تقواك …

ففي صحيح البخاري ج: 5 ص: 2384/6137 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قال: ((من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته)).

سابعا:فتعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة))

هذا العنوان هو نص حديث ونحب أن نورد شرحا لذلك ألا وهو حديث آخر وهو حديث الثلاثة الذين كانوا في الغار … ففي صحيح مسلم ج: 4 ص: 2099:باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال 2743 :

عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ثم بينما ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر فأووا إلى غار في جبل فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم فقال بعضهم لبعض انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا الله تعالى بها لعل الله يفرجها عنكم:

 فقال أحدهم اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران وامرأتي ولى صبية صغار أرعى عليهم فإذا أرحت عليهم حلبت فبدأت بوالدي فسقيتهما قبل بنى وأنه نأى بي ذات يوم الشجر فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما فحلبت كما كنت أحلب فجئت بالحلاب فقمت ثم رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أسقى الصبية قبلهما والصبية يتضاغون ثم قدمي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أنى فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة نرى منها السماء ففرج الله منها فرجة فرأوا منها السماء؛

 وقال الآخر اللهم أنه كانت لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء وطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار فتعبت حتى جمعت مائة دينار فجئتها بها فلما وقعت بين رجليها قالت يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه فقمت عنها فإن كنت تعلم أنى فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة ففرج لهم؛

وقال الآخر اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق أرز فلما قضى عمله قال أعطني حقي فعرضت عليه فرقه فرغب عنه فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا ورعائها فجاءني فقال اتق الله ولا تظلمني حقي قلت أذهب إلى تلك البقر ورعائها فخذها فقال اتق الله ولا تستهزئ بي فقلت إني لا أستهزئ بك خذ ذلك البقر ورعائها فأخذه فذهب به فإن كنت تعلم أنى فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا ما بقى ففرج الله ما بقى.

ثامنا: و من شروط إجابة الدعاء أكل الحلال: تفسير ابن كثير ج: 1 ص: 204فقام سعد بن أبي وقاص فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقالr:(( يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به)).

تاسعا: أن لا يستعجل الإجابة صحيح مسلم ج: 4 ص: 2095 عن أبي هريرة t يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل قيل يا رسول الله ما الاستعجال قال يقول قد دعوت وقد دعوت فلم يستجب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء)).

عاشرا: أدعو الله وأنتم موقنون بالإجابة.


[1] راجع إن شئت كتابي خمس مقالات في مداخل الإيمان /فصل:كيف انتشر الإسلام.

عن qudah

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الدعاء ضرورة فطرية لطلب الضعيف من القوي

الدعـــــــــــــــاء ...

%d مدونون معجبون بهذه: