الرئيسية / المكتبة / من الفكر والقلب / القضاء والقدر / التوكل لا يعني ترك العمل

التوكل لا يعني ترك العمل

التوكل على الله، لا يعني ترك العمل.

فهناك فرق بين ثلاثة أشخاص :

الأول:يعمل ويعتمد على عمله فقط، دون الالتجاء إلى الله، وهذا هو الملحد، الذي يعتمد على الأسباب فقط، وينسى خالقها ومبدعها والمتصرف فيها، ومثل هذا كمن كُتب له مبلغ من المال في شيك هدية، فأخذ يقبِّلُ القلم الذي كُتب به الشيك، ونسي أن يشكر الذي كتب له الشيك بالقلم.

الثاني: هو الذي نام، والناس يزرعون، ويعملون في الأرض، ثم جاء في موسم الحصاد، يطلب مشاركة المزارعين فيما زرعوا، ويطلب حصته كواحد منهم دون أن يعمل، فهذا يستحق أن يجلد على كسله في البداية، ومشاكسة الحصَّادين في النهاية، أو يودع في مصحة عقلية لعله يفيق.

الثالث: وهو الذي بذر الحب، وتوكل على الرب، ثم توجه إلى الله بالدعاء كي ينزل الرحمة على الأرض وينبت الزرع، فهذا هو الذي توكل على الله حق توكله، يقول الله عز وجل ]هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ[ (الملك:15)

 فأمر بالمشي لا بالجلوس، ولكن القلب متعلق بالله الرازق سبحانه:

وهكذا يجب أن نفهم قوله r:” لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا”بن ماجه/الزهد:41640

 ونلاحظ أن النبي   r قال: “تَغْدو…وَتَرُوحُ” ولم يقل يرزقها الله وهي نائمة، فحتى الطيور أخذت بالأسباب، فرزقها الله، مع أنها لا تملك النقود، وليس لها مخازن للطعام، وهكذا الإنسان السوي يأخذ بالأسباب، وينتظر النتيجة من الله U.

 فالمجاهد يلبس درعه، ويحمل سلاحه، ثم يطلب النصر من الله، ويُقدّم كل ما يستطيع من جهد، فيأتيه النصر من عند الله، وها هو سيدنا محمد  r قال له ربه: ) وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ( 67 المائدة، أي يا محمد لن يصل إليك أحد من الناس ليقتلك، ومع ذلك فقد لبس درعه للوقاية من سيوف الأعداء([1]) ؛لأن الله تعالى قد تعبدنا بالأسباب، فهو الذي أمرنا أن نؤمن بالقضاء والقدر، وهو الذي أمرنا أن نلبس الدرع، فنحن نطيعه في هذا وذاك.

.


[1] ) ولكن عندما ذهبت الأسباب فقد ظهر بداهة صدق التوكل على Q فقط،  كما حصل في غزوة حنين حينما انكشف الناس وبقي واقفاً ينادي: أنا النبي لا كذب أنا أبن عبد المطلب. وما حدث كما في مجمع الزوائد ج: 9 ص: 8 أن رجلا  قال يا محمد أعطني سيفك هذا فسله وناوله إياه فهزه ونظر إليه ساعة ثم أقبل على النبي  صلى الله عليه وسلم  ثم قال يا محمد ما يمنعك مني قال: الله يمنعني منك فارتعدت يده، حتى سقط السيف من يده فتناوله النبي  صلى الله عليه وسلم  ثم قال يا غورث  من يمنعك مني  قال لا أحد بأبي أنت.

عن qudah

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

4- الموت والتوبة

4- ...

%d مدونون معجبون بهذه: