مشاركة (4): ( قصة ):
كان أحد الموظفين يريد أن يكرم زملائه وأن يدعوهم إلى الطعام في بيته، ولكنه ضاق ذراعاً بوالده العجوز، فقال في نفسه:
ليس لي إلاّ أن أخرجه من المضافة(الديوان) وأضعه في المسجد على حصير حتى ينصرف الضيوف، وفعلاً فعل ذلك .
وعندما عاد حفيده من المدرسة، ووجد جده جالسا على الحصير أخذ نصف الحصيرة وأتى بها إلى الدار، فقال له والده:
لماذا أخذت نصف الحصيرة من تحت جدك يا ولدي، قال الولد: لكي أضعها تحتك عندما تكبر يا أبي!.
هنا اعتبر الموظف من هذا الكلام وأتى بوالده وأجلسه في صدر المجلس،و عندما جاء الضيوف قال لهم:
من أحب أن يأكل مع والدي فليفعل، وإلاّ فلينصرف قالوا:
ما قصتك يا هذا؟
فأخبرهم بما حدث ففرحوا جميعاً بهذا الحفيد النجيب، وشكراً.
شكراً أيها الأخ الكريم، وعطفاً على ما قلت:
فقد كنت أعرف رجلاً عجوزاً وامرأته وكان أبناءهما يسومونهما سوء العذاب، ولا يدفعون لهما أي شيء من النفقة، فأراد الوالد أن يبيع شيئاً من أرضه، لينفق على نفسه من ثمنها، فقال للناس:
من يشتري أرضي الغالية بالأقساط المريحة كي أنفق على زوجتي ونفسي ؟
لكن أحداً لم يستطع أن يشتري شيئاً منها خوفاً من تهديد أولاده، فاضطر أن يشتكي على أولاده للقضاء، ففرض له القاضي على أولاده مبلغاً من المال، كان يناله عن طريق المحكمة، بعد إجراءات طويلة، ومعقدة، وصعبة خاصة على العجزة مثله،ثم يشتري بالمبلغ ما يسد به رمقه هو وزوجته العجوز،كالسكر، والشاي، والحليب والبيض.
وحينما يضطران للخروج من المنزل، يأتي أحفادهما فيعيثون في دارهم فساداً، فيخلطون البيض بالسكر، والحليب بالشاي،فيتركون البيت كأنه كومة قمامة، فقلت: يا رب كم يشقى هذان الوالدان، وكان يجلس عندنا عجوز شهم صالح – يرحمه الله – فقال:
يا شيخ لا تعجب فوالله إن هذا العجوز عندما كان شاباً فإنه كان يعامل والديه بأشرس من هذا … فلقد كان والده يُحْمَلُ ( بالقُفَّة ) كالطفل الصغير، وتعاهد أهل البلد كلهم أن يتعاونوا على إعالته، فأحدهم يقدم له الغداء، وآخر العشاء، وثالث المبيت والإفطار وهكذا.
وعندما كان يصل الدور بالعجوز المقعد إلى بيت ابنه الذي كان شاباً فإنه لا يقوم بخدمته كبقية أهل القرية، بل يطرده.
وعندما توفي طلب أهل البلد من الولد أن يحضر جنازة والده، ويصلي عليه معهم، إلا أنه رفض،فلم يحضر الجنازة ولم يصل عليه!
فهل فهمت يا شيخ زكريا لماذا يفعل به أبناءه هكذا؟ عندها قلت: أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
( حقا: ان كل الذنوب قد يؤجل عقابها ما عدا
عقوق الوالدين فإنها تعجل في الدنيا ).
الشيخ زكريا القضاة الموقع الشخصي للشيخ زكريا القضاة
