الرئيسية / المكتبة / اقتصاديات / الغش مرض إقتصادي مرعب

الغش مرض إقتصادي مرعب

 الغش مجمع خسائس:

 إن بائع الحليب الذي وضع فيه 10% ماء، وباعه على أنه حليب صافٍ %، أليس هذا قد كذب؟ ثم أليس هذا قد سرق من الثمن؟ وحين أكل هذا المبلغ فكان منه الولد، أليس هذا قد أنتج ولداً من حرام؟ ثم إنه عندما أخفى الحقيقة قد جبن عن قولها؟ وهذا كله أليس مجموعة من الخسائس، والخصائص المذمومة ؟.

 الغش خطر اقتصادي مرعب:

 لو افترضنا أن ثمن كيلو الحليب(200) فلس فإن من بين مائة كيلو حليب عشرة ماء، فإذا كانت أجرة السيارة التي تحمل الحليب ديناران، فإن تكلفة الماء (200) فلس، وأجرة التحميل والتنزيل، والغلي، والبسترة، والحفظ في الثلاجة، والتكاليف الأخرى بلغت عشرة دنانير، فإن ديناراً واحداً منها ذهب لتكلفة الماء، وتكلفة التعبئة والتغليف، والتوزيع لتاجر الجملة ثم لتاجر القطاعي، وكل منهم وضع هامش ربح معين، ثم وصل إلى المستهلك، فتناوله، كانت نسبة الفائدة منه 90% فقط، فيكون قد دفع تكلفة 110% لهذا الحليب، في حين أنه أخذ 90%فقط.

وهذه المعادلة الصعبة تبين خطورة هذا الغش على الاقتصاد الوطني وعلى صحة المواطن، فالغش ليس ظلماً لمرة واحدة-كما يتوهم بعض الناس- بل هو ظلمات بعضها فوق بعض.

الغش سبب كثير من الأمراض:

 حين يعمد المزارع إلى تغذية مزروعاته بالهرمونات، لكي تنضج في غير أوانها، ويزيد في حجمها، ثم يطرحها في الأسواق، فيتناولها المستهلك صغيراً كان أو كبيراً، فيصاب بكثير من الأمراض ومنها السرطان، فيفقد المجتمع طفلاً في عمر الورود، أو شاباً في ريعان الشباب، أو مهندساً في قمة العطاء، أو طبيباً في قمة النشاط، أو معلماً نذر عمره لتعليم أبناء المسلمين، أو أمّاً لسبعة أطفال، فهل يبقى هذا الغشاش منّا؟ أو أنه يحق القول فيه:” من غشنا فليس منا” ؟.

وحين يعمد مربي المواشي إلى حقن عجوله بمواد هارمونية ترفع وزنه من 50-200 كيلو غرام في فترة وجيزة لا تتجاوز شهرين، وتقوم هذه الهرمونات بتحويل لحم العجل إلى لحم حامض يؤدي إلى تعطيل كليتي آكله، فيحتاج إلى غسل الكلى مرة أو مرتين كل أسبوع، ويكلفه هذا الغسيل شهرياً أكثر من ثمن العجل بكامله، فهل سيبقى هذا الغشاش منّا ؟ أم يصدق فيه قول الصادق المصدوق بأنه”ليس منا” !؟

وحين تصاب مزارع الدجاج أو الأبقار بمرض خطير ثم تذبح دفعة واحدة، وتجمد وترسل إلى بعض الدول النامية، فيصاب بعضهم بالنوم حتى الموت، أو بغير ذلك من الأمراض الخطيرة، ويتحمل أهله والدولة والأمة بكاملها أموالاً طائلة في معالجته، ثم تفقد الأسرة عائلها بعد أن يعافوه ويملّوا منه لطول نومه بينهم، فهل سيبقى هذا الغشاش من الأمة؟، أم أنه سيصبح عدواً يلعب في أحشائها؟ وكما يقول الشاعر:

 احذر عدوك مــرة واحذر صديقك ألف مرة

 فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضـــرة

وحين يُهرّب في باخرة، قطيع من الغنم يعّد بالآلاف مصاب بمرض خطير على صحة الإنسان مثل مرض: اللسان الأزرق” وبرشوة حقيرة لأحد المسئولين ذوي النفوس المريضة يسمح لهذه الباخرة بتفريغ حمولتها، وبيع هذه الأغنام في السوق المحلي، فيأكلها أهل البلد، ويصابوا بالأمراض والأوبئة، أتظن أن هذا الغش ليس نوعاً من أنواع التجسس والخيانة العظمى؟

(حكاية): رصدت إحدى الدول شخصاً من أبنائها المتنفذين، مدة طويلة من الزمن بتهمة التجسس، ولكنها لم تعثر على دليل مادي واحد عليه، وبعد طول استجواب، اعترف بأنه جاسوس، ولكن مهمته كانت وضع الرجل المطلوب في المكان الخطأ، ونقل الرجل المناسب إلى المكان الغير مناسب، أوليس هذا من الخيانة العظمى أيضاً؟

عن qudah

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

4- التوسط في الإنفاق

4- ...

%d مدونون معجبون بهذه: