الرئيسية / المكتبة / اقتصاديات / قصة المال وسيلة لا غاية

قصة المال وسيلة لا غاية

قصة فيها عظة وعبرة :

يروى أنه بينما كان سيدنا عيسى عليه السلام يسير من قرية إلى قرية يدعو إلى توحيد الله عز وجل، صادف في إحدى جولاته رجلاً في الطريق فصاحبه لعله يهتدي، فمرا بتنور يبيع الخبز، فاشترى سيدنا عيسى عليه السلام ثلاثة أرغفة من الخبز واستودعها صاحبه، فلما حان موعد الغداء جلسا تحت شجرة، وقال عيسى عليه السلام للرجل أخرج الأرغفة الثلاثة، فقال:

ليس معي سوى اثنان ، فقال له عيسى عليه السلام: أسألك بالذي خلقك، وشق سمعك وبصرك، وخلق السماء والأرض، أين الرغيف الثالث؟ فقال والله لا أعلم، فنادى عيسى عليه السلام على غزال من بعيد فجاء الغزال –بأمر الله- فقال له: كن مذبوحاً مشوياً بإذن الله، فكان ذلك، فأكلا وشبعا، ثم قال للغزال : ارجع كما كنت بإذن الله، فكان كذلك بإذن الله، فقال لصاحبه: والآن وبعد أن استغنينا عن الخبز وأكلنا اللحم فبالذي قدّرني على هذه المعجزة، من الذي أخذ الرغيف الثالث؟ فقال الرجل: لا أدري.

نظر سيدنا عيسى عليه السلام إلى ثلاثة أكوام من التراب فقال لها كوني ذهباً بإذن الله تعالى، فكانت كذلك، ثم نظر إلى الرجل وقال له: هذا كوم لي، وكوم لك، وكوم للذي أخذ الرغيف، فقال اللص : أنا الذي أخذت الرغيف، وها هو في ثيابي، فقال له عيسى عليه السلام، كلها لك، ولا أريد مرافقة رجل مثلك، وذهب سيدنا عيسى عليه السلام إلى قرية قريبة فذكرهم بالله، ثم عاد من الطريق الذي أتى منه فوجد أكوام الذهب الثلاثة وعندها ثلاثة قتلى، أحدهما صاحبه واثنان لا يعرفهما، فاستغرب الأمر، وكان سيدنا عيسى عليه السلام يحيي الموتى بإذن الله، فأحياهم ليعرف قصتهم، فكانت كما يلي:

بعدما ترك سيدنا عيسى الرجل مع أكوام الذهب الثلاثة، مر به رجلان فقالا له: تقاسمنا الذهب، وإلا قتلناك وأخذناه وحدنا، فقال: بل أقاسمكما، فتقاسما المال بينهما وقالا له: اذهب إلى المدينة واشتري لنا ثلاثة بغال لنحمل الذهب عليها وائتنا بطعام نأكله، وفي الطريق قال الرجل في نفسه:

 آكل أنا طعاماً طيباً في المدينة، ثم آتيهم بطعام مسموم، فيموتان، وأحمل الذهب على البغال وأرحل، في حين أن صاحبيه اتفقا على قتله بمجرد وصوله بالبغال والطعام، وعندما عاد قتله صاحباه، ثم أكلا الطعام المسموم فمات الجميع وبقي الذهب على حاله،

 وصدق رسول الله r إذ يقول:” أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ “([1]).

قال تعالى:) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا(25) وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا(26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا(27)وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمْ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا(28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا *إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا(سورة الإسراء الآيات (25-30).

 .

([1]) رواه الترمذي في كتاب الزهد برقم (2322) راجع القصة بتمامها تفسير الطبري جزء3 صفحه 286. تفسير الطبري ج: 3 ص: 281 عند  القول في تأويل قوله تعالى ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم . صدق الله العظيم.

عن qudah

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

4- التوسط في الإنفاق

4- ...

%d مدونون معجبون بهذه: